علمُ التفسير تتدرجُ فيه بأن تبدأَ بتفسيرٍ مختصرٍ جدًّا، تَطَّلِع فيه على معانيَ كلامِ الله - جلّ وعلا -، وخاصة إذا كنتَ حافظًا للقرآن، فإنه يكونُ من أنفعِ الأشياءِ لك أن تمرّ على تفسيرٍ مختصرٍ.
كان العلماءُ يعتنون "بتفسيرِ الجلالينِ" في الأعصرِ المتأخرَةِ، وهو نافعٌ مفيدٌ.
لكن تحترز في قراءته على ما فيه من التأويلاتِ، وقد صنّفه الجلالان: جلالُ الـدين المحلّي، وجلالُ الدين السّيوطيّ:
تمرُّ فيه من أوَّلِ المفصلِ، حيث إنّـك تسمعُه كثيرًا في الصلاة، تفهمُ المعاني باختصارٍ، فـإذا مررتَ على خمسينَ صفحةً أخذتَ المفصلَ كاملًا، فتكون قد فهمتَ المعاني التي تسمعُها في الصلاةِ، فيكون معكَ علمٌ واضحٌ.
كيف تعرف أنك فهمتَ التفسيرَ؛ حتى تنتقلَ إلى غيره؟
الجواب: استطاعَتُك أن تفسرَ السّورةَ على نفسِك، مثلًا تقـرأ سورةَ ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا﴾.
تغلق التفسيرَ، وتبدأ تفسِّرُ على نفسِك، فإذا استطعتَ أن تفسِّرَ بصواب، وبدون تلكؤ، وبوضوحٍ في فّهْمِ الآياتِ عند نفسك، فإنَّكَ تكونُ قد درجتَ في فهم معنى تفسيرِها ويمكنُ أن تنتقلَ بعدَها إلى غيرِها.
وبعد تفسيرِ الجلالينِ تنتقلُ إلى ما هو أعلى منه، مثل: "تفسير الشيخِ ابن سعدي"، أو مثل "تفسير البغويّ" أو ابنِ كثير، أو مختصراتِه إذا كان هناك مختصراتٌ سالمةٌ من المعارضاتِ.
فترجعُ إليها تمرُّ علها مرورًا تعرفُ معه المعاني التي هي أطولُ من الجلالين، قد أتت إلى ذهنِك بعد فهمِك لما أورده الجلالانِ، فإذا أتتِ المعلوماتُ الأوسعُ تكون المعلومات المختصرة واضحةً؛ لأنّك استطعتَ أن تفسِّر ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا﴾ فسرتَها على نفسِك.
إذا قرأتَ "تفسيرَ ابنِ كثير" أو "تفسيرَ البغوي" ونحو ذلك من الكتبِ التي هي أكبرُ قليلًا: ستحسّ من نفسِك أنك أدركتَ أكثرَ.
وهكذا مع مرورِ الزمنِ تحسُّ أنك قد نمَّيت فهمَك لكلامِ الله -جلّ وعلا-.